فصل: حديث العابد والرمانة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 حديث العابد والرمانة

أخبرنا محمد بن عمر الأرموي قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي قال‏:‏ أخبرنا أبو القامسم يحيى بن محمد بن عبد الله بن سلام البزاز قال‏:‏ حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن علي القطان قال‏:‏ أخبرنا أبو محفوظ بن أبي توبة قال أخبرنا أبو عبد الله بن صالح قال‏:‏ حدَثنا سليمان بن هرم القرشىِ عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال‏:‏ خرج إلينا رسول الله صلي الله علية وسلم فقَال‏:‏ ‏"‏ خرجٍ من عندي خليلي عليه السلام أنفًا‏.‏

فقال يا محمد والذي بعثك بالحق إن لله عبدا من عباده عبد الله خمسمائة سنة على رأس جبل عرضه وطوله ثلاثون ذراعًا والبحر محيط به أربعة آلاف فرسخ من كل ناحية فأخرج الله له عينًا عذبة بعرض الإصبع يبض بماء عذب وتسفح في أسفل جبل وشجرة رمَّان تخرج له في كل يوم رمانة فتغذيه يومه فإذا أمسى نزل وأصاب من الوضوء وأخذ من تلك الشجرة الرمانة فأكلها ثم قام إلي الصلاةَ فسأل ربه عز وجل عند وقت الأجل أن يقبضه ساجدًا وأن لا يجعل للأرض ولا لشيء يفسده عليه سبيلًا حتى يبعثه وهو ساجد ففعل ونحن نمر إذا هبطنا وإذا رجعنا فنجده في العلم يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله فيقول الرب تعالى‏:‏ أدخلوا عبدي الجنة برحمتي فيقول‏:‏ رب بعملي فيقول‏:‏ أدخلوا عبدي الجنة برحمتي فيقول‏:‏ بل بعملي فيقول الله تعالي أدخلوا عبدي الجنة برحمتي فيقول‏:‏ رب بل بعمليِ فيقول الله تعالى للملائكة قايسوا عبدي بنعمتي كلها فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمس مائة سنة وفي الجسد فضلأ عليه فيقول‏:‏ أدخلوا عبدي النار قال‏:‏ فَيُجر إلى النار فيقول‏:‏ يا رب برحمتك أدخلني الجنة فيقول ردوا عبدي فيوقف بين يدي الله عز وجل فيقول عبدي من خلقك ولم تك شيئًا فيقول‏:‏ أنت يارب فيقول أكان ذلك من قبلك برحمتي فيقول بل برحمتك فيقول‏:‏ من قواك لعبادة خمس مائة سنة فيقول‏:‏ أنت يا رب فيقول من أنزلك في جبل وسط اللجة وأخرج لك الماء العذب من الماء المالح وأخرج لك كل يوم رمانة وإنما يخرج مرة في السنة وسألتني أن أقبضك ساجدًا ففعلت ذلك برحمتي أدخلوا عبدي الجنة برحمتي فنعم العبد كنت يا عبدي فأدخله الله الجنة وقال جبريل عليه السلام إنما الأشياء برحمة الله تعالى يا محمد‏.‏

عابد من الرهبان‏:‏ حدًثنا المبارك بن علي الصيرفي من لفظه قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عمر السمرقندي قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن عبد الواحد قال‏:‏ حدثنا جدي أبو بكر محمد بن جعفر السامري قال‏:‏ أخبرنا إبراهيم بن الجنيد قال‏:‏ حدثنا أبن طفر قال‏:‏ حدثنا سليمان الضبعي عن عبد الصمد بن معقل بن منبه عن عمه وهب بن منبه قال‏:‏ كان عابد من عباد بني إسرائيل يعبد الله دهرًا طويلًا في صومعته فعف وزهد حتى شكته الشياطين إلى إبليس فقالوا‏:‏ فلان قد أعيانا لا نصيب منه شيئًا قال‏:‏ فانتدب له إبليس بنفسه فأتاه فضرب ديره فقال‏:‏ مَنْ هذا قال‏:‏ ابن سبيل افتح لي حتى آوي الليلة في ديرك‏.‏

قال له العابد‏:‏ هذه قرى منك غير بعيدة مل إلى بعضها فائوِ إليها قال‏:‏ اتق الله وافتح لي فإني أخاف اللصوص والسباع قال‏:‏ ما أنا بالذي أفتح لك فسكت إبليس ثم ضرب باب الدير فقال‏:‏ افتح لي قال‏:‏ مَنْ هذا قال‏:‏ أنا المسيح قال‏:‏ إن تكن المسيح فليس لك لي حاجة فقد بلغت رسالات ربك فموعدك الآخرة فسكت إبليس ثم ضرب ديره فقال‏:‏ افتح لي قال‏:‏ من أنت قال‏:‏ أنا إبليس قال‏:‏ ما أنا بالذي أفتح لك فقال إبليس‏:‏ لك ما لله ولك وجعل يعاهده لا أعمل في مضرة أبدًا أفتح قال‏:‏ فنزل ففتح له الباب وصعد إبليس فجلس بين يديه فقال‏:‏ سلني عما شئت أخبرك فقال‏:‏ ما لي إليك حاجة قال‏:‏ فقام إبليس فولى فناد أقبل فقد بدا لي أن أسألك قال‏:‏ سل قال‏:‏ أي شيء أهون لكم في هلك ابن آدم قال‏:‏ السكر فإنه إذا أسكر ابن آدم لم يمتنع منا من شيء نريده ثم لعبنا به كما يلعب الصبيان بالكرة قال‏:‏ وماذا قال‏:‏ الحدة لو أن ابن آدم بلغ في عبادة الله تعالى ما يحيي الموتى بإذن الله ما يئسنا أن نصيبه في بعض غضبه قال‏:‏ وماذا قال‏:‏ والبخل قال‏:‏ يأتي ابن آدم فنقلل نعمة الله عنده ونكثر ما في أيدي الناس عنده حتى يبخل بحق الله في ماله فيهلك‏.‏

عابدان أخوان من بني إسرائيل‏:‏ أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قال‏:‏ أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن أحمد بن محمد بن شاذان قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن منجاب قال‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاكر الريحاني قال‏:‏ حدثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي قال‏:‏ أخبرنا أبو حفص النابلسي قال‏:‏ أخبرنا أبو معبد قال‏:‏ سمعت بلال بن سعد يقول‏:‏ كان أخوان في بني إِسرائيل خرجا يتعبدان فلما أرادت الطريق أن تفرق بينهما قال أحدهما لصاحبه‏:‏ خذ أنت في هذا الطريق وآخذ أنا في هذا الطريق فإذا كان رأس السنة فهو الموعد بيني وبينك فخرجا يتعبدان فلما دنا رأس السنة اجتمعا في ذلك الموضع فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ أي ذنب فيما عملت أعظم قال‏:‏ بينما أنا أمشي على الطريق إذا بسنبلة فأخذتها فألقيتها في إِحدى الأرضين أرض عن يميني وأرض عن شمالي فلا أدري هي الأرض التي ألقيتها فيها أم الأخرى ثم قال المسؤول للسائل‏:‏ أي ذنب فيما عملت أعظم قال‏:‏ كنت أقوم في الصلاة فأميل مرة على هذه الرجل ومرة على هذه الرجل فلا أدري أكنت أعدل بينهما أم لا فسمعهما أبوهما من داخل الدار فقال‏:‏ اللهم إن كانا صادقين فأمتهما فخرج فإذا بهما قد ماتا‏.‏

ثلاثة من عباد بني إسرائيل‏:‏ أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي قال‏:‏ أخبرنا شجاع بن فارس قال‏:‏ أخبرنا أبو طالب العشاري قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن محمد العلاف قال‏:‏ أخبرنا صفوان قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر القرشي قال‏:‏ حدًثنا أزهر بن مروان قال‏:‏ أخبرنا جعفر بن سليمان قال‏:‏ أخبرنا أبو عمران الجنوني عن عبد الله بن رياح الأنصاري عن كعب قال‏:‏ اجتمع ثلاثة عباد من بني إسرائيل فقالوا‏:‏ تعالوا نذكر كل واحد منا أعظم ذنب عمله فقال أحدهم‏:‏ أما أنا فلا أذكر من ذنب أعظم من أني كنت مع صاحب لي فعرضت لي شجرة فخرجت عليه ففزع مني وقال‏:‏ الله بيني وبينك‏.‏

وقال أحدهم‏:‏ إنا معشر بني إسرائيل إذا أصاب أحدنا بول قطعه فأصابني بول فقطعته فلم أبالغ في قطعه‏.‏

وقال أحدهم‏:‏ كانت لي والدة فدعتني من قبل شمال الريح فأجبتها ولم تسمع فجاءتني مغضبة فجعلت ترميني بالحجارة فأخذت عصا وجئت لأقعد بين يديها تضربني بها حتى تنزفني ففزعت مني فأصاب وجهها شجرة فشجتها فهذا أعظم ذنب عملته‏.‏

عابد من بني إسرائيل‏:‏ أخبرنا محمد بن ناصر قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن أحمد الحداد قال‏:‏ أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال‏:‏ حدثنا علي بن إسحاق قال‏:‏ أخبرنا حسين بن الحسن المروزي قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن المبارك قال‏:‏ أخبرنا بكار بن عبد الله انه سمع وهب بن منبه يقول‏:‏ كان رجل من أفضل أهل زمانه وكان يزار فيعُظهم فاجتمعوا إليه ذات يوم فقال‏:‏ إنا قد خرجنا من الدنيا وفارقنا الأهل والأموال مخافة الطغيان وقد خفت ذلك أن يكون قد دخل علينا في حالنا هذه من الطغيان أكثر مما يدخل على أهل الأموال في أموالهم إن أحدنا يحب أن يقضى له حاجته فإن اشترى أحدنا بيعًا أن يقارب لمكان دينه وإن لقي حق ووقف بمكان دينه فشاع ذلك الكلام حتى بلغ الملك فعجب به الملك فركب إليه ليسلم عليه أو ينظر إليه فلما رآه الرجل قيل له هذا الملك‏:‏ قد أتاك ليسلم عليك فقال‏:‏ وما نصنع فقيل‏:‏ الكلام الذي وعظت به فسأل رده هل عندك طعام فقال شيء من تمر الشجر فما كنت تفطر به وامرأتي معي على مسح فوضع بين يديه فأخذ يأكل منه وكان يصوم النهار ولا يفطر فوقف عليه الملك فسلم عليه فأجابه خفية وأقبل على طعامه يأكله فقال الملك‏:‏ فأين الرجل قيل له هو هذا الذي يأكل قال‏:‏ نعم قال‏:‏ فما عند هذا من خير‏:‏ فأدبر فقال الرجل‏:‏ الحمد لله الذي صرفك عني بما صرفك‏.‏

وفي رواية‏:‏ إنه قدم له بقل وزيت وحمص فجعل يجمع من البقول والطعام ويطعم اللقمة ويغمسها في الزيت فيأكل أكلًا عنيفًا فرآه الملك عابد آخر منهم‏:‏ أخبرنا محمد بن ناصر قال‏:‏ أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال‏:‏ أخبرنا عبد العزيز بن علي قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن حامد الوراق قال‏:‏ حدثنا أبو حامد بن جعفر قال‏:‏ حدثنا علي بن محمد بن فهيد قال‏:‏ حدثنا إسحاق بن رزيق قال‏:‏ حدثنا إسماعيل ابن عبد الكريم عن عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه قال‏:‏ كان في بني إسرائيل عابد فلبث سبعًا لم يطعم هو وعياله شيئًا‏.‏

فقالت له امرأته‏:‏ لو خرجت وطلبت لنا شيئًا‏.‏

فخرج فوقف مع العمال فاستؤجر العمال وصرف اللّه عنه الرزق فقال‏:‏ والله لأعملنّ اليوم مع ربي فجاء إلى ساحل البحر فاغتسل وما زال راكعًا وساجدًا حتى إذا أمسى أتى أهله فقالت له امرأته‏:‏ ماذا صنعت فقال‏:‏ قد عملتَ مع أستاذي وقد وعدني أن يعطيني ثم غدا إلى السوق فوقف مع العمال فاستؤجر العمال وصرف الله عنه الرزق ولم يستأجره أحد فقال‏:‏ والله لأعملن اليوم مع ربي فجاء إلى ساحل البحر فاغتسل وما زال راكعًا وساجدًا حتى إذا أمسى أقبل إلى منزله فقالتَ له امرأته‏:‏ ماذا صنعت قال‏:‏ إن أستاذي قد وعدني أن يجمع لي أجري فخاصمته امرأته وبرزت عليه فلبث يتقلب ظهرًا لبطن وبطنًا لظهر وصبيانه يتضاغون جوعًا ثم غدا إلى السوق فاستؤجر العمال وصرف عنه الرزق ولم يستأجره أحد فقال‏:‏ والله لأعملن مع ربي فجاء إلى ساحل البحر فاغتسل وما زال راكعًا وساجدًا حتى إذا أمسى قال‏:‏ أين أمضي تركت أقوامًا يتضاغون جوعًا ثم تحمل على جهد منه فلما قرب من داره سمع ضحكًا وسرورًا وسمع رائحة قديد ورائحة شواء فأخذ على بصره وقال‏:‏ أنائم أنا أم يقظان تركت أقوامًا يتضاغون جوعًا و أشم رائحة قديد ورائحة شواء وأسمع ضحكًا وسرورًا دنا من الباب فطرق الباب فخرجت امرأته حاسرة وقد حسرت عن ذراعيها وهي تضحك في وجهه ثم قالت‏:‏ يا فلان قد جاءنا رسول أستاذك بدنانير ودراهم وكساء وودك ودقيق وقال‏:‏ إذا جاء فلان فأقرئوه السلام وقولوا له‏:‏ إن أستاذك يقول لك‏:‏ رأيت عملك فرضيته فإن أنت زدتني في العمل زدتك في الأجرة‏.‏